ثم قال يوسف عليه السلام خفية للذي ظنّ أي تيقّن أنه ناج وهو السّاقي، دون علم الآخر: اذكر قصّتي عند سيّدك وهو الملك، لعله يخرجني من السجن بعد علمه ببراءتي، وهذا من قبيل الأخذ بالأسباب الظاهرية المطلوبة عادة وشرعا، للنجاة والإنقاذ وإطلاق السراح. فأنساه الشيطان تذكير الملك بقصة يوسف، لئلا يخرج نبي الله يوسف من السجن، فيدعو إلى عبادة الله وتوحيده ومطاردة وساوس الشيطان، فلبث يوسف في السجن منسيا بضع سنوات، أي من الثلاث إلى التّسع، وكل ذلك ليتم مراد الله، فبقي في السجن سبع سنين، وعوقب من الله بخمس أخرى لقوله:
اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فكانت مدة سجنه اثنتي عشرة سنة.
ثم رأى ملك مصر رؤيا أخرى كانت سببا لخروج يوسف عليه السلام معزّزا مكرّما، حكى القرآن الكريم هذه الرؤيا بقوله تعالى:
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٤٣ الى ٤٩]
وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ (٤٣) قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ (٤٤) وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (٤٥) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (٤٦) قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ (٤٧)
ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ (٤٨) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (٤٩)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» «٧» «٨» »
[يوسف: ١٢/ ٤٣- ٤٩].
(٢) تعلمون تأويلها.
(٣) أي مجموع أخلاط من الأحلام الزائفة الكاذبة.
(٤) أي تذكر.
(٥) أي بعد مدة من الزمان.
(٦) أي متتابعة. [.....]
(٧) تخبّئونه من البذور.
(٨) يمطرون.
(٩) ما شأنه أن يعصر كالزيتون ونحوه.