إنكار البعث
من المشكلات الكبرى عند الماديين والملحدين والمشركين إنكار وجود عالم آخر بعد عالم الدنيا، لظنهم أن الإنسان مخلوق مادي بالطبيعة، وينتهي وجوده من العالم بالموت، والموت فناء لا رجعة بعده في زعمهم، قائلين كما حكى القرآن عنهم: إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٣٧) [المؤمنون: ٢٣/ ٣٧].
ونسوا أن الله الذي خلقهم أول مرة قادر على إعادة خلقهم وإحيائهم مرة أخرى، كما جاء في قول الله سبحانه: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى [الأحقاف: ٤٦/ ٣٣].
وتعددت ألوان التقريع والتهديد بالعذاب والاستغراب في آي القرآن من مواقف هؤلاء المنكرين ليوم البعث، كما جاء في الآيات التالية:
[سورة الرعد (١٣) : الآيات ٥ الى ٧]
وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٥) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ (٦) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (٧)
«١» «٢» [الرّعد: ١٣/ ٥- ٧].
المؤمن في هذا العالم مطمئن مستقر مرتاح، والكافر قلق متردد يحس بالضيق ويشعر بالمرارة والتأنيب الداخلي، فلا عجب أن يصدر من الكفار حماقات ومكابرات وألوان من العناد، فتراهم كما تصور هذه الآيات، بالإضافة لإنكارهم البعث والقيامة، يستعجلون العذاب والانتقام في الدنيا، ويطالبون بآيات تعجيزية.
(٢) أي عقوبات أمثالهم من المكذبين.