والحال أيضا أنه لم تتغير حالكم عن حال من سبقكم، فإنهم مكروا مكرهم جهد طاقتهم في إبطال الحق وتقرير الباطل ومعارضة الرّسل، وعند الله العلم بمكرهم وتدبيرهم، وأن الله سيجازيهم على مكرهم، الجزاء العادل، والحساب الشديد، وإن كان مكرهم شديدا، أي كافيا لتذهب به عظائم الأمور، ويصلح لزحزحة الجبال عن أماكنها. ومعنى الآية: تعظيم مكرهم وشدته.
الجزاء العادل يوم القيامة
إن وجود يوم القيامة من أجل إقامة الحق المطلق والعدل الشامل، فإذا تشكك المشككون بوجود هذا اليوم، فإنهم مخطئون لأنهم يعارضون الحقيقة، ويصادمون الحكم العقلي الصائب في أنه لا بد من يوم يتحقق فيه التناصف، فيعاقب الظالم وينتصف المظلوم، لذا أنذر الله تعالى الناس قاطبة بهذا اليوم الذي ينتظرهم، ليجزي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، وهو يوم تتغير فيه معالم السماوات والأرض. قال الله تعالى واصفا هذا اليوم:
[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ٤٧ الى ٥٢]
فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ (٤٧) يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (٤٨) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (٤٩) سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (٥٠) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٥١)
هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٥٢)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» [إبراهيم: ١٤/ ٤٧- ٥٢].
هذه الآيات تثبيت للنّبي صلّى الله عليه وسلّم ولغيره من أمّته، ولم يكن النّبي ممن يحسب مثل
(٢) القيود.
(٣) ثيابهم.
(٤) تغطيها. [.....]
(٥) تبليغ كاف في العظة.