منهم أحد، ولا يلتفت منكم أحد إلى الوراء إذا سمعتم الصيحة بالقوم، حتى لا يشفقوا على بلادهم وأقوامهم حين معاينة ما جرى على القرية في رفعها وطرحها، وسيروا بأمر ربّكم غير ناظرين وراءكم، إلى بلاد الشام فإنها مأمنكم ومكان نجاتكم.
وتصوير هذه الإنذارات والإعدادات للعذاب يغني عن رؤية حالة الدمار والهلاك الواقع، ويزرع في القلب الخوف والهلع الشديد، ويوجب على النّاجين مزيد الحمد والشكر، ويردع أهل الجريمة مما يساورهم من صنوف الاجرام، إذا عرفوا ما يحلّ بالمجرمين في دار الدنيا قبل عذاب الآخرة.
العذاب الواقع بقوم لوط
يغفل أهل الاجرام عادة عن الجزاء والعقاب الذي يلقونه، بسبب انغماسهم في الشهوات والأهواء، وظنهم أن العذاب لن يطالهم، وأنهم سيفلتون من العقاب، وكل ذلك من وسواس الشيطان وضعف الوعي وقلة الإدراك، والحماقة وسوء التقدير، لكن العقاب حق وعدل يأتي في الوقت المناسب بعد اليأس من الصلاح، وهذا ما حدث لقوم لوط، فإنهم أفرطوا في ارتكاب الفواحش، وبالغوا في تكذيب الرسول لوط، وأصرّوا على الغلوّ في الكفر والضلال، فكان التقدير الإلهي لهم بالمرصاد، وهذا ما وصفه القرآن الكريم للعبرة والاتّعاظ، قال الله تعالى:
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٦٦ الى ٧٧]
وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (٦٦) وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (٦٧) قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ (٦٨) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ (٦٩) قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ (٧٠)
قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (٧١) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٢) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (٧٣) فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (٧٤) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥)
وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (٧٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٧٧)
«١» «٢» «٣»
(٢) آخرهم أي جميعهم.
(٣) داخلين في الصباح.