إن خواص الألوهية: هي الخلق والإبداع، وعلم السر والعلن، والحياة الأبدية دون أن يسبق الإله بشيء، ولا ينتهي عند حد، وهذه الآيات تذكر هذه الخواص، للإدلال على عظمة الله، وأنه لا يستحق العبادة والتقديس سواه، دون ما عداه من الأصنام والأوثان وغيرها التي لا تخلق شيئا، بل هي مخلوقة، أفمن يخلق الأشياء كمن لا يخلقها ويعجز عن إيجادها، أفلا تعتبرون وتتعظون أيها الناس؟! فإن معرفة ذلك لا تحتاج إلى تدبر وتفكر ونظر. ويستمر خلق الأشياء للناس بإيجاد النعم وأنواع الإحسان، وإن أردتم أيها البشر تعداد نعم الله وحسابها، لم تستطيعوا إحصاءها وضبط عددها، فإن نعم الله كثيرة دائمة، وفضله لا ينقطع في كل دقيقة من الأحوال، وهو سبحانه كثير المغفرة يتجاوز عن السيئات وعن التقصير في شكر النعمة، رحيم بالعباد، ينعم عليهم مع استحقاقهم للحرمان بسبب جحودهم وكفرهم.
إن قدرة الله على الخلق والإبداع هي أولى خواص الإله الحق، ودليل وجود الله، والخاصية الثانية هي أن الله يعلم الضمائر والسرائر، كما يعلم الظواهر، وسيجزي كل عامل بعمله يوم القيامة، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، فهو سبحانه عالم الغيب والشهادة، والظاهر والباطن.
وأما الأصنام وأمثالها من المخلوقات، فلها ثلاثة أوصاف، هي أنها لا تستطيع خلق شيء، بل هي مخلوقة، وهي جمادات لا أرواح فيها ولا حياة لها أصلا، أما الإله فهو الحي الدائم الذي لا يطرأ عليه موت أصلا، وتلك الأصنام لا تدري متى يبعث عبدتها من القبور، ومتى تقوم الساعة، فكيف يرتجى منها نفع أو تستطيع منع ضرر ما؟! وإذا كانت الأصنام وجميع المخلوقات لا تستحق التأليه لفقدها خواص الألوهية،


الصفحة التالية
Icon