الكافرون تتوفاهم الملائكة وتقبض أرواحهم، حالة كونهم ظالمي أنفسهم بالكفر والمعاصي والتعريض للعذاب، ولكن لما حضرهم الموت وعاينوا العذاب، أظهروا السمع والطاعة والانقياد قائلين: ما كنا مشركين بربنا أحدا، وما كنا نعمل شيئا من السيئات، فكذبهم الله في قولهم ورد عليهم بقوله: بَلى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي لقد عملتم السوء كله وأعظمه، والله عليم بأعمالكم، فلا فائدة في إنكاركم، والله يجازيكم على أعمالكم، فادخلوا أبواب جهنم للاستقرار فيها، وذوقوا عذاب إشراككم بربكم، وأنتم خالدون ماكثون فيها إلى الأبد، وساء المقر مقر دار الهون، ومقام المتكبرين عن آيات الله تعالى واتباع رسله.
صفات المتقين وجزاؤهم
بعد أن ذكر الله تعالى صفات المكذبين بالقرآن، المستكبرين عن آياته، ذكر للمقارنة والموازنة صفات المؤمنين الذين يصدقون بالوحي الإلهي، وبالجزاء المرتقب في الدنيا والآخرة، بالإسعاد في الحياة، والظفر بمنازل الخيرات ودرجات السعادة في جنان عدن، والأشياء تتميز بأضدادها، فإذا كان جزاء المتكبرين عن عبادة الله والتصديق بما أنزل على رسله هو نيران جهنم، فإن جزاء المتقين الممتثلين أوامر الله هو نعيم الجنان، فيظهر الفرق جليا بين الفريقين، ويتميز المحسنون من الأشرار، وهذا ما أبانته الآيات التالية:
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٣٠ الى ٣٢]
وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ (٣٠) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ كَذلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (٣١) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٢)
[النّحل: ١٦/ ٣٠- ٣٢].