وقضية البعث سهلة مرجعها لقدرة الله تعالى الشاملة لكل شيء، فالله لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، إذا أراد شيئا من بدء الخلق والإعادة وبعث الأموات والمعاد، فإنما يتم بالأمر به مرة واحدة، فيكون كما يشاء الله، دون عناء ولا تردّد، ولا بطء ولا تكلف، كما قال سبحانه: وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠) [القمر: ٥٤/ ٥٠].
حال مؤمني مكة في بدء الدعوة
(المهاجرون إلى الحبشة) كان الصراع شديدا وعنيفا في مكة المكرمة في بدء الدعوة الإسلامية، بين كفار مكة الذين أقسموا أن الله لا يبعث من يموت، وبين مؤمني مكة المعارضين لهم، وهم الذين هاجروا إلى الحبشة، إيثارا للسلامة، وبعدا عن الأذى والاضطهاد، فالكفار أنكروا البعث والقيامة، والمؤمنون آمنوا بكل ما جاء به الإسلام، وصبروا على إيذاء المشركين، وضحوا بأنفسهم وأموالهم وديارهم من أجل إعلاء كلمة الله. وقد أشاد القرآن بهم في الآيات التالية:
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٤١ الى ٤٤]
وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٤٢) وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٤٣) بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤)
«١» «٢» «٣» [النّحل: ١٦/ ٤١- ٤٤].
(٢) الحسنة: عامة في كل أمر مستحسن يناله ابن آدم، ويشمل النصر على العدو، وفتح البلاد وتحقيق الآمال.
(٣) كتب الشرائع.