والأرض من الدوابّ والملائكة، والحال أنهم لا يستكبرون أبدا عن عبادته، وعن أي شيء كلفوا به، فهم في تذلل دائم وخضوع لله تعالى. يخاف هؤلاء الملائكة والدواب الأرضية المخلوقة ربّهم المهيمن عليهم من فوقهم بالقهر والغلبة، ويفعل الملائكة كل ما يؤمرون به، فهم مثابرون على طاعته تعالى، وامتثال أوامره، وترك زواجره، وكذلك المؤمنون يأتمرون بأوامر الله بحسب الشرع وواجب الطاعة، وأما غير المؤمنين من الحيوان فيأتمرون بالتسخير والقدر الذي يسوقهم إلى أمر الله.
والمراد بالفوقية: علو الرتبة والشرف، والقدرة والهيمنة.
إن المقصود من هذه الآيات: هو أنه على أهل مكة الماكرين بالنبي وبالمؤمنين أن يحذروا عقاب الله، فإن الله قادر على تعذيبهم عاجلا أو آجلا، ودليل قدرته وعظمته وكبريائه خضوع كل شيء له في السماوات والأرض، من جماد ونبات وحيوان وإنس وجنّ وملائكة.
وإن تبدل أحوال الكائنات وتغير أوضاعها من زيادة ونمو ونقص، وارتفاع وانخفاض، واتساع وضيق، دليل على أن الله الذي كونها على هذا النحو، أراد بذلك التذكير بالمتصرّف فيها، والمبدّل لأحوالها، وليكون ذلك لخير الإنسان وتمتعه بأوصاف الكمال والجمال الإلهي، لأن ثبات الشيء على حال واحدة مملّ وممجوج، وفي التغير حركة مسلّية وتذكير بقيمة الوقت وحقائق الأشياء.
النهي عن تعدد الآلهة
الدعوة إلى توحيد الله، والنهي عن الشرك والإشراك بالله هو جوهر الدعوات التي جاء بها النبيون في مراحل التاريخ المتعاقبة لأن الشرك باطل ومناف للواقع، وهو وكر الخرافات والأوهام والأباطيل، ويتنافى مع كرامة الإنسان وعزته وصلته