بربه، فالواجب عبادة الله وحده واتقاؤه، والتماس الخير والنفع، ودفع الشر والضرر منه وحده دون غيره، ولا سيما في أوقات الأزمات والمحن، مع الحفاظ على نعمة الشكر لله دون كفران النعمة بعد توافرها، قال الله تعالى مبينا هذه الأصول:
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٥١ الى ٥٥]
وَقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٥١) وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ واصِباً أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (٥٢) وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ (٥٣) ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٥٤) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٥٥)
«١» «٢» [النّحل: ١٦/ ٥١- ٥٥].
هذه الآيات نهي صريح قاطع من الله تبارك وتعالى عن الإشراك به، وتقرير واجب لمبدأ توحيد الله، والالتزام بمقتضياته من عبادته وحده، وشكره على نعمه وأفضاله. ومعناها: لا تتخذوا إلهين اثنين، وكلمة اثْنَيْنِ تأكيد للتنفير من التعدد، أي لا تتخذوا لي شريكا، ولا تعبدوا سواي، فمن عبد مع الله إلها غيره، فقد أشرك به، إنما الله إله واحد، ومعبود واحد، فإياه فارهبوا أيها البشر، وخافوا عقابه بالإشراك وعبادة سواه. ويكون المبدأ الأصيل في الدين: هو أن لا إله إلا الله، وأن العبادة لا يستحقها غيره.
ولما كان الإله الحق واحدا، والواجب لذاته في العبادة واحدا، كان كل ما سواه من الأشياء مما يعقل وما لا يعقل، حاصلا بخلقه وتكوينه وإيجاده، فلله جميع ما في السموات «٣» والأرض ملكا وخلقا وعبيدا، فهو خالقهم ورازقهم، ومحييهم ومميتهم، وهم عبيده ومملوكوه، وله الدين واصبا، أي له الطاعة والانقياد والملك والعبادة على سبيل الدوام والاستمرار، وبعد أن عرفتم أن إله العالم واحد، وعرفتم
(٢) أي تضجون بالدعاء.
(٣) السموات هنا: كل ما ارتفع من الخلق في جهة فوق، فيدخل فيه العرش والكرسي.