إفساد الإسرائيليين وتشريدهم مرتين
إن جزاء الأمم في ميزان العدل الإلهي يكون بحسب الطاعة أو العصيان، ولا يكون عقاب من الله تعالى لأحد إلا بسبب جرمه وجحوده، أو تحديه وعناده ومعارضته دعوة الرسل، وخروجه عن هدي الله تعالى. وهكذا كان الحال مع بني إسرائيل في التاريخ، أفسدوا في الأرض، فشردوا فيها مرتين بسبب فسادهم، ويتكرر العقاب أو الثواب عادة بتكرر سببه. قال الله تعالى واصفا هذه الأحوال:
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٤ الى ٨]
وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً (٤) فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً (٥) ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (٦) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً (٧) عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً (٨)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» «٧» «٨» «٩» «١٠» [الإسراء: ١٧/ ٤- ٨].
هذه الآيات: إخبار عن أحوال بني إسرائيل وتاريخهم القديم، ومضمون الخبر:
أن الله أعلمهم في التوراة على لسان موسى، وقضى عليهم في أم الكتاب أنهم سيفسدون في الأرض التي يحلّون فيها مرتين، ويخالفون مخالفتين: مخالفة ما جاء في التوراة وتغييرها، وقتل بعض الأنبياء مثل أشعيا وزكريا ويحيى، ويتكبرون عن طاعة
(٢) تتجاوزنّ في الظلم والعدوان.
(٣) يجوز أن يقع الوعد في الشر بمعنى العقاب الحالّ.
(٤) ذوي قوة.
(٥) الديار: هي المنازل والمساكن.
(٦) الغلبة.
(٧) أكثر عددا من عدوكم.
(٨) أي بعثناهم ليسوءوا، فهي لام ((كي)).
(٩) ليدمروا ما استولوا عليه. [.....]
(١٠) مهادا.