إنكار المشركين البعث
كانت عقائد المشركين كفار مكة فاسدة ملوثة، منها نسبة الشريك والولد والصاحبة لله، عز وجل، تشبيها لله بمخلوقاته، ومنها إنكار البعث أو اليوم الآخر، تأثرا بالنزعة المادية، وتصورهم أن المادة إذا صارت فانية كالتراب، لا تحتمل العودة إلى الحياة، وبسبب نقص إدراكهم لقدرة الله الخارقة، وتمكنّه من إحياء الأشياء بمجرد الأمر الإلهي التكويني: كُنْ. وتحكي لنا هذه الآيات إنكارهم للبعث، واستغرابهم حدوثه لضعف عقولهم، قال الله تعالى:
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٤٩ الى ٥٢]
وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (٤٩) قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً (٥٠) أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً (٥١) يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً (٥٢)
«١» «٢» «٣» «٤» [الإسراء: ١٧/ ٤٩- ٥٢].
تصوّر هذه الآيات شبهة المشركين الماديين الوثنيين في إنكار البعث أو القيامة، ويرد الله عليهم ردا مفحما فيه غاية التحدي، فهم يقولون على جهة التعجب والإنكار، والاستبعاد حين سماع القرآن تقرير أمر المعاد: أءذا كنا عظاما بالية في قبورنا، ورفاتا، أي أشياء مرّ عليها الزمن، حتى بلغت غاية البلى، وصارت أقرب شبها بالتراب أو الغبار، أءنا لمبعوثون عائدون يوم القيامة خلقا جديدا، بعد ما بلينا وصرنا عدما لا نذكر؟! وترددت آيات القرآن في هذا المعنى المحكي عن المشركين، مثل: يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ (١٠) أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً (١١) قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ (١٢) [النازعات: ٧٩/ ١٠- ١٢].

(١) أجزاء مفتتة أو ترابا.
(٢) يعظم عن قبول الحياة كالسماوات.
(٣) خلقكم وأبدعكم.
(٤) أي سيحركونها تعجبا واستهزاء. [.....]


الصفحة التالية
Icon