إلا الله تعالى، فأما الإهلاك بالفتنة، فبسبب الظلم من كفر، أو معاص، أو تقصير في دفاع، وأما القحط أو الخسف فيصيب الله به من يشاء، كما نلاحظ في كل زمان ومكان.
طلب الآيات التعجيزية
إن الإصرار على التكذيب أو الإفراط في الكفر والعناد هو الذي يدفع المكذبين والمعاندين إلى المطالبة بشيء بعيد الحصول أو غريب المنال، تمشيا مع مواقفهم المتصلبة، وعقولهم الجامدة، وتحدياتهم السافرة، وهذا شأن قريش في صدر الدعوة الإسلامية، طالبوا نبي الله صلّى الله عليه وسلّم بتحقيق أشياء لا قدرة له عليها، ليظلوا على موقفهم المتعنّت وضلالهم المتأصّل، وهو لا يعد تسويغا لكفرهم، أو نصرا لضلالهم، وإنما يدل ذلك على خروجهم عن الأصول العقلية، واليأس من إيمانهم وصلاحهم، وهذا ما حكاه القرآن ليسجل عليهم هذا الإصرار والعناد، وليسقطوا من حساب العقل وميزان التاريخ، على مدى الزمان، قال الله تعالى:
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٥٩ الى ٦٠]
وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلاَّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً (٥٩) وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْياناً كَبِيراً (٦٠)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» [الإسراء: ١٧/ ٥٩- ٦٠].
سبب نزول الآية الأولى:
أن قريشا اقترحوا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يجعل لهم الصفا ذهبا، واقترح بعضهم أن يزيل عنهم الجبال حتى يزرعوا الأرض، فأوحى

(١) آية بينة.
(٢) فكفروا بسببها.
(٣) علما وقدرة.
(٤) شجرة الزقوم.
(٥) أي تجاوزا للحد في كفرهم.


الصفحة التالية
Icon