وعبر الله تعالى عن فرحة القرشيين بالإجلاء والطرد للنبي صلّى الله عليه وسلّم بقوله سبحانه في آية أخرى: فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ [التوبة: ٩/ ٨١] وهو الفرح الذي يسبق العاصفة أو العذاب.
ثم قرر الله تعالى حكما عاما، وأعلمنا بسنة دائمة، فذكر سبحانه: أن من عادة الله وسنته ومنهجه في الذين كفروا برسله، وآذوهم، أن يأتيهم العذاب، بخروج الرسول من بينهم، فكل قوم أخرجوا رسولهم من أراضيهم، فسنة الله أن يهلكهم، ولولا أنه صلّى الله عليه وسلّم الرحمة المهداة لجميع الخلائق، لجاءهم من النقم في الدنيا ما لا قبل لأحد به، ولا تغيير لسنة الله، ونظامه أو قانونه، وعادته، ولا خلف في وعده.
لقد أحبط الله مساعي المشركين الوثنيين في مكة في محاولة فتنة النبي صلّى الله عليه وسلّم عن رسالته ووحي ربه ودينه، ومحاولة تغيير الوحي الإلهي، وهو إنذار لكل من يهادن أئمة الضلال والكفر ويجاملهم في ضلالهم وغيهم، أو يحاول تبديل كلام الله وشرعه، وإعلان لعصمة النبي صلّى الله عليه وسلّم عن التقصير في شيء. والمشركون حين تم لهم إبعاد النبي صلّى الله عليه وسلّم من مكة وإخراجه منها، لم يضمنوا لأنفسهم السعادة والاستقرار والهناءة، وإنما توالت هزائمهم، في بدر والحديبية وفتح مكة وغيرها، وسقطت ألوية الوثنية وراياتها، وتعرضوا للعذاب والتدمير، والقتل والتشريد، ومن آمن منهم برسالة النبي صلّى الله عليه وسلّم ونجا.
تشريع والصلاة وإعلان الحق
إن تماسك الأمة الإسلامية على عقيدتها وتوجهها نحو الله خالقها إنما هو بإقامة الصلاة، والتزام منهج الحق وطرقه، ومقاومة الباطل وجنده، وهذه المقومات الأساسية تجعل من المسلم والمجتمع والأمة قوة صلبة في دينها، وصادقة في عزيمتها


الصفحة التالية
Icon