قدرات البشر وإمكاناتهم، وهم ينسون سبب وجودهم وخلقهم في عالم الحياة، فالله هو الذي خلقهم وسوّاهم، وهو كذلك قادر هيّن عليه أيضا إعادتهم إلى الحياة، حتى وإن صاروا عظاما بالية، ورفاتا بقايا قديمة، وترابا منثورا، قال الله تعالى مبينا فساد عقيدة المشركين في إنكارهم القيامة والبعث:
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٩٨ الى ١٠٠]
ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (٩٨) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً (٩٩) قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً (١٠٠)
«١» «٢» [الإسراء: ١٧/ ٩٨- ١٠٠].
إن الجزاء الإلهي في الدنيا والآخرة عدل مطلق، وحق تام، فلا يعذب الله أحدا، من دون سبب، ولا يعاقبه من غير وجه مشروع، لذا قال الله تعالى: ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا.. أي إن ذلك الجزاء المشار إليه في الآية السابقة، وهو:
مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً وذلك الوعيد المتقدم بجهنم، بسبب كفر أولئك المشركين وتكذيبهم بآيات الله وبالدلائل والحجج التي جاء بها محمد صلّى الله عليه وسلّم، ويعم ذلك آيات القرآن الكريم وما تضمن من خبر وأمر ونهي.
ومن أسباب تعذيبهم بنحو خاص: إنكارهم البعث، ووجه تخصيصه مع أنه داخل في عموم الكفر بآيات القرآن: التعظيم له، والتنبيه على خطر الكفر به وإنكاره.
وكيف أنكروا البعث؟
قالوا: أإذا كنا عظاما بالية، ورفاتا، أي بقايا صيّرها البلى إلى حالة التراب المنتشر، نعود خلقا جديدا آخر، أبعد ما صرنا إلى البلى والهلاك والتناثر والتفرق في أنحاء الأرض، نعاد أو نبعث مرة ثانية إلى الحياة؟!

(١) أجزاء مفتتة.
(٢) أي بخيلا منوعا.


الصفحة التالية
Icon