للولد، وهو حي أبدا لا يموت، تنزه وتقدس الله عن مقالتهم هذه، وعن كل نقص من اتخاذ الولد وغيره، إنه إذا أراد شيئا أوجده فورا، فإنه يأمر به، فيصير كما يشاء، بقوله: (كن) فيكون. فمن كان بصفة الألوهية الخالق المبدع، كيف يتوهم أن يكون له ولد؟ لأن ذلك من أمارات النقص والحاجة.
ولقد أمر عيسى عليه السلام أتباعه وقومه وهو في المهد بقوله: إن الله ربي وربّكم، فاعبدوه وحده لا شريك له، وهذا الذي جئتكم به عن الله هو الطريق القويم، الذي لا اعوجاج فيه، ولا يضل سالكه، من اتبعه رشد وهدي، ومن خالفه ضل وغوى.
ثم أخبر الله تعالى نبيه محمدا صلّى الله عليه وسلّم عما آل إليه أمر عيسى عليه السلام، وهو أن بني إسرائيل اختلفوا أحزابا، أي فرقا، في عيسى، بعد بيان أمره وإيضاح حاله، وأنه عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه. فويل، أي هلاك وعذاب شديد للذين كفروا بحقيقة عيسى، من مشهد يوم عظيم، هو مشهد يوم القيامة، حيث يجتمع الناس فيه، فيهلك الكافر الظالم، وينجو المؤمن العادل في نظرته وعقيدته.
وفي مشهد القيامة، ما أقوى سمع الكفار وأشد بصرهم، يوم يأتون إلى ربهم للحساب والجزاء، ويرون ما يصنع بهم من العذاب، فإن إعراضهم يومئذ يزول، ويقلبون على الحقيقة، حيث لا ينفعهم الإقبال عليها، وهم في الدنيا صم عمي، إذ لا ينفعهم النظر مع إعراضهم، ولكنّ هؤلاء الظالمين الكافرين يعرفون الحق في الآخرة، أما في الدنيا فهم في ضلال مبين، أي في متاهة واضحة وجهل مسلك بيّن في نفسه، وإن لم يتبين لهم.
ثم أمر الله نبيه بإنذار الكفار لهدايتهم وتحقيق مصلحتهم، ومفاد الإنذار: أنذر أيها الرسول الخلائق من المشركين وغيرهم، يوم الحسرة، أي التحسر فيه، فالمسيء