وتبين له أنه عدو لله إما بموته على الكفر، كما روي، وإما بأن أوحى الله إليه الختم على قلبه.
وقول إبراهيم عن ربه: إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا شكر من إبراهيم عليه السلام لنعم الله تعالى عليه.
ثم قرر إبراهيم عليه السلام الهجرة إلى بلاد الشام، وأعلن أنه يعتزل قومه ويبتعد عنهم، ويهاجر بدينه عنهم وعن معبوداتهم، حين لم يقبلوا نصحه، وأعلن أيضا أنه يعبد ربه وحده لا شريك له، ويجتنب عبادة غيره، وقوله: وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أي تعبدون. وأضاف قائلا: عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا أي لعلني لا أشقى بدعاء ربي، وفيه تعريض بشقاوتهم في دعاء آلهتهم وعبادتها. وقوله: (عسى) على سبيل التواضع وهو ترجّ، في ضمنه خوف شديد.
ثم أخبر الله تعالى نبيه محمدا صلّى الله عليه وسلّم عما عوّض به إبراهيم عليه السلام لمّا رحل عن بلد أبيه وبلد قومه، ومضمون الخبر: لما اعتزل إبراهيم الخليل أباه وقومه، وترك أرضه ووطنه، وهجر موطن عبادة غير الله، وهاجر في سبيل الله من أرض نينوى بالموصل إلى أرض بيت المقدس، حيث يقدر على إظهار دينه، لما قام بهذه الهجرة أبدله الله خيرا من قومه، ووهب له ابنه إسحاق، وحفيده يعقوب بن إسحاق، وجعل الله كل واحد من إسحاق ويعقوب نبيا أقر الله بهما عينيه، فكل الأنبياء من سلالتهما، وكل الأديان تحترم إبراهيم وتحبه، وتحب إسحاق ويعقوب.
لذا أخبر الله تعالى عن مزيد فضله لآل إبراهيم، فقال: وأعطيناهم من فضلنا ورحمتنا النبوة والمال والعلم والمنزلة، والشرف في الدنيا والنعيم في الآخرة، كل ذلك من رحمة الله، وجعلنا لهم لسان صدق عليا، أي حققنا لهم الثناء الباقي عليهم آخر الأبد، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما. وذلك إجابة لدعاء إبراهيم عليه السلام