احتمال غلبة أحد المتبارزين على الآخر أمر محتمل في كل منافسة أو مبارزة، لكن الذي لم يتوقعه أحد إنما هو إيمان السحرة برب موسى وهارون، وهذه معجزة إلهية تدل على أن الله غالب على كل شيء.
إيمان السحرة برب موسى وهارون
حينما ألقى موسى عليه السلام عصاه وانقلبت حية، والتقمت كل ما جاء به السحرة من الحبال والعصي، ثم رجعت إلى حالتها، أيقنوا بنبوة موسى عليه السلام، وأن الأمر ليس سحرا، وإنما الأمر من عند الله تعالى، وهذا كان له تأثير الصاعقة على فرعون وحاشيته، فلجأ إلى تهديد السحرة بتقطيع الأيدي والأرجل والتصليب في جذوع النخل، فما كان منهم إلا أن أعلنوا تحديهم لفرعون، وآثروا عليه السلامة والنجاة، لما رأوا من حجة الله تعالى وآياته البينات، قال الله تعالى واصفا هذا الحدث الجلل:
[سورة طه (٢٠) : الآيات ٧٠ الى ٧٣]
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى (٧٠) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى (٧١) قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا (٧٢) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى (٧٣)
«١» [طه: ٢٠/ ٧٠- ٧٣].
في خلال هذه الآية تقدير وحذف يدل عليه ظاهر القول، وهو: فألقى موسى عصاه، فالتقمت كل ما جاء به السحرة، فلما رأوا ذلك أيقنوا بنبوة موسى عليه