النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «حاجّ موسى آدم، فقال له: أنت الذي أخرجت الناس من الجنة بذنبك، وأشقيتهم؟ قال آدم: يا موسى: أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه، أتلومني على أمر كتبه الله علي، قبل أن يخلقني، أو قدّره الله علي قبل أن يخلقني؟ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فحجّ آدم موسى».
إن معصية آدم وغوايته، أي بعده عن الرشد، لم تكن بتصميم وعزم، وإنما صدرت منه في حال النسيان للأمر الإلهي، ليترتب على ذلك الإخراج من الجنة، وتوالد البشرية، وعمارة الكون بالناس.
إنزال آدم إلى الدنيا
رحمة الله تعالى بعباده تسبق دائما غضبه، فالإنسان يخطئ ويصيب، بسبب نسيانه وضعفه وتغلب شهواته عليه، ولكن المؤمن العاقل سرعان ما يبادر إلى التوبة والإنابة، والاستقامة والاستغفار من سوء فعله، وتورّطه في مخالفة أمر ربه، والله تعالى بلطفه وكرمه وفضله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، وهكذا حدث لآدم عليه السلام، عصى ربه نسيانا لا عمدا، ليتم تقدير الله، ولكن كان جزاؤه بالحق والعدل، ثم اجتباه ربه وهداه لصالح الأقوال والأفعال، وأنزله من علياء الجنان إلى قيعان الدنيا ومعكراتها، وهذا ما وصفته الآيات التالية:
[سورة طه (٢٠) : الآيات ١٢٢ الى ١٢٧]
ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى (١٢٢) قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى (١٢٤) قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً (١٢٥) قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى (١٢٦)
وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى (١٢٧)
«١» «٢»
(٢) ضنكا أي معيشة ضيقة ومعاناة.