الأنبياء دون البعض الآخر، والله تعالى عالم بكل هؤلاء، يفصل بينهم فصلا قائما على العدل يوم القيامة، والله قادر على كل شيء، يهدي من علم أنه أهل للهداية، ويعذب من يستحق العذاب، ومن هداه الله فلا مضل له، ومن يهنه ويعذبه فلا مكرم له، سبحانه وتعالى، يفعل ما يريد، قال الله تعالى واصفا أحوال الأمم ومبينا مصائرها:
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ١٧ الى ١٨]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١٧) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (١٨)
«١» «٢» [الحج: ٢٢/ ١٧- ١٨].
أخبر الله تعالى في هذه الآيات عن فعله العادل، بجميع الفرق الدينية المختلفة، من المؤمنين بالله ورسله، واليهود، والنصارى، والصابئين: (وهم فرقة بين اليهود والنصارى، أو قوم يعبدون الملائكة، ويستقبلون القبلة، ويوحدون الله، ويقرءون الزبور) والمجوس: وهم عبدة النار والشمس والقمر، والمشركين: وهم عبدة الأوثان، يعبدون مع الله إلها آخر. هؤلاء جميعا يحكم الله بينهم بالعدل، فيدخل من آمن به الجنة، ومن كفر به النار، فإن الله تعالى شهيد مطلع على جميع أعمالهم، حفيظ لأقوالهم وأفعالهم، عليم بسرائرهم، وما تنطوي عليه ضمائرهم.
وقوله سبحانه: إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ أي عالم به: خبر مناسب للفصل بين الفرق، وفصل الله تعالى بين هذه الفرق: هو بإدخال المؤمنين الجنة، والكافرين النار.
وهذا أمر هين سهل على الله تعالى، فإن الله قادر على كل شيء، بدليل أن الله

(١) عبدة الكواكب أو الملائكة.
(٢) ثبت ووجب عليه.


الصفحة التالية
Icon