الاتعاظ بإهلاك الأقوام الغابرين
إن معرفة أحداث التاريخ وتحليل الوقائع والأسباب له فائدة كبري في علاج أمراض الشعوب والأمم، فالعقلاء: هم الذين يتأملون بما حدث، ويفكّرون بما وقع، ويدرسون الأسباب والنتائج دراسة متأنية قائمة على البحث والتمحيص، للحذر مما وقع، ولرسم سياسة المستقبل، في ضوء مجريات الأمور. وهذا ما جعل القرآن الكريم يعنى بقصص الأقدمين، ليعرف من يأتي بعدهم سبب الداء والدواء، وطريق الحذر واليقظة، ومن هذه المذكّرات للمشركين المكيين وأمثالهم: ما حدّثنا به القرآن من أحوال الغابرين، فقال الله تعالى:
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٤٢ الى ٤٨]
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ (٤٢) وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣) وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٤٤) فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٤٧) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (٤٨)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» «٧» «٨» [الحج:
٢٢/ ٤٢- ٤٨].
قوله تعالى: وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ: هذه آية إيناس للنبي صلّى الله عليه وسلّم ووعيد لقريش، فهم كالأمم المكذّبة المعذّبة. والمعنى: إن يكذبك أيها النبي قوم قريش، فهذا له سابقة
(٢) أمليت: أمهلت وأخرت عنهم العقوبة، ويكون الإمهال بنية المعاقبة مع العلم بالفعل.
(٣) إنكاري عليهم بالعقوبة.
(٤) فكثير من القرى.
(٥) ساقطة حيطانها على سقوفها.
(٦) متروكة.
(٧) مرفوع البنيان.
(٨) أمهلتها.