شك الكفار في القرآن
ما دام الكفر وسوء الاعتقاد في القلب، يظل الشك في أصول الإيمان وتنزيل القرآن قائما في نفوس الكفرة، ومن الصعب اقتلاع الشكوك من نفوس أناس أدمنوا على الضلال، واستمروا في العصيان، فإن ذلك يوجد ما يسمى «الران» أو الغطاء على القلب، فيحجب عنه كل أشعة الخير، وأضواء الهداية الربانية، وهكذا يظل الظلام الدامس جاثما في المكان حتى يبدده ضوء النهار، فإذا أحكم الإنسان إغلاق المنافذ، وحرص على إبقاء التعتيم، أمكنه ذلك، وهذا هو الفعل ذاته الذي يفعله الكافر الجاحد في قلبه، يحكم إغلاقه، ولا يدع شيئا مضيئا ينفذ إليه، وهذه هي حال عتاة الكفار من أهل مكة وأمثالهم، كما تصوّر هذه الآيات:
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٥٥ الى ٥٧]
وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (٥٥) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٥٦) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٥٧)
«١» «٢» «٣» [الحج: ٢٢/ ٥٥- ٥٧].
تقرر الآيات حكما دائما مستمرا: وهو أنه ما يزال الكفار في شك وريبة من هذا القرآن أو من محمد صلّى الله عليه وسلّم، أو مما ألقى الشيطان من وساوس وترهات، حتى تأتيهم الساعة، أي يوم القيامة فجأة من غير أن يشعروا، أو يأتيهم عذاب يوم عقيم، أي يوم متفرد بالشدة، وهو في الدنيا يوم بدر في الآخرة يوم القيامة، وسمي يوم القيامة أو يوم الاستئصال والقتل عقيما، لأنه لا ليلة بعده ولا يوم. وجملة هذه الآية توعد لأهل الكفر، فهم ما يزالون على كفرهم لا يؤمنون، حتى يهلكوا.

(١) مرية أي شك بالقرآن.
(٢) أي تأتيهم القيامة فجأة.
(٣) أي منفرد عن سائر الأيام لشدته.


الصفحة التالية
Icon