وليكون دائما حامدا لله شاكرا، مقرا بالعبودية لربه، والدينونة لخالقه. وأذكر هنا الدليل الأول في التذكير بخلق الجنس الإنساني متمثلا بآدم أبينا عليه السلام، قال الله تعالى:
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١٢ الى ١٦]
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ (١٤) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ (١٦)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» «٧» [المؤمنون: ٢٣/ ١٢- ١٦].
هذا إخبار عن ابتداء خلق الإنسان، والمراد اسم الجنس، وأراد به الله تعالى آدم عليه السلام، لأنه استل من الطين، فلقد أوجده الله من خلاصة سلّت من طين صاف، لا كدورة فيه، وأوجد الله ذرية آدم من صفوة الماء، يعني المني.
وكان تكوين الذرية البشرية بجعل نطفة المني في أصلاب الذكور، ثم قذفها وإيداعها في قرار مكين، أي في أرحام الإناث، في حرز مستقر متمكن حصين، من ابتداء الحمل إلى انتهاء الولادة، كما جاء في آية أخرى: أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٢٠) فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ (٢١) إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢) فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ (٢٣) [المرسلات: ٧٧/ ٢٠- ٢٣].
ثم حوّل الله تعالى النطفة المشتركة بين ماء الرجل والأنثى عن صفاتها إلى صفة العلقة: وهي الدم المتجمد العريض، ثم صيّر الله سبحانه الدم الجامد مضغة، أي بضعة أو قطعة لحم، قدر ما يمضغ، لا شكل فيها ولا تخطيط.
وسمي التحويل خلقا، لأن الله يفني بعض الصفات، ويوجد صفات أخرى. ثم يصيّر الله المضغة عظاما مشكّلة ذات تقاطيع وأجزاء، من الرأس واليدين
(٢) مستقر.
(٣) دما متجمدا.
(٤) قطعة لحم.
(٥) بنفخ الروح فيه.
(٦) فتعالى وتكاثر خيره.
(٧) أتقن الصانعين.