الإنسان وتحريك جذوة الإيمان في قلبه: بأنه سبحانه خلق لكم أيها البشر فوقكم سبع سماوات طباقا، أو طرائق، أي كل ما كان من طبقات بعضه فوق بعض، ولم نكن مهملين أمر جميع المخلوقات، التي منها السماوات، بل نحفظها ونتقنها لضمان استمرارها، ونعلم كل ما يحدث فيها من صغير أو كبير، فقوله سبحانه: وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ نفي عام، أي في إتقان خلقهم، وعن مصالحهم، وعن أعمالهم.
والدليل الآخر على القدرة الإلهية بعد دليل خلق الإنسان وخلق السماوات: أننا أيها البشر أنزلنا من السحب السماوية أمطارا بقدر الحاجة والكفاية للشرب والسقاية، فكل ذلك بمقدار وحكمة، فليس المطر كثيرا يغرق الإنسان، ويفسد الأرض والعمران، وليس هو قليلا لا يكفي الإنسان والزرع والثمار، وهذا يشمل الأنهار والبحار، قال مجاهد: ليس في الأرض ماء إلا وهو من السماء.
ومن فضل الله ورحمته: أن الله تعالى يحفظ الماء في الأرض، فيتغذى النبات والحب، وتنبع منه الأنهار والينابيع والآبار. ولو شاء الله بقدرته لأذهب هذا الماء وصرّفه وغوّره عن الناس، ولكنّ لطف الله وسعة رحمته جعلت للماء خزانات في الأرض، يأخذ منها الناس عند الحاجة، فيسقون زروعهم وثمارهم وأنفسهم ودوابهم، وينتفعون به بسائر أوجه الانتفاع، من غسل، وتطهر، وتنظيف، وتبرد وغير ذلك.
وأخرج الله بماء السماء أو المطر جنات، أي بساتين من النخيل والأعناب، وسائر الفواكه الكثيرة المتنوعة، للأكل والانتفاع، والرزق والعيش الكريم. ويخرج الله أيضا بالمطر شجرة الزيتون التي تأتي بالدهن، أي الزيت، ويتخذ إداما يأتدم به الآكلون.
وإن في خلق الأنعام (الإبل والبقر والغنم) عبرة وعظة عظيمة، ونعمة وفيرة،


الصفحة التالية
Icon