والإحباط، ويتلخص أمرهم في أنهم سخروا من أهل الإيمان، وابتعدوا عن تذكير القرآن، فوقعوا في حمأة العذاب، وفاز المؤمنون الأتقياء بجنان الخلد ورضوان الله، وجوزوا على صبرهم على الطاعة، والبعد عن المعصية، وهذا ما وصفه لنا القرآن الكريم قبل أن يقع تماما على هذا النحو في الآيات التالية:
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١٠٥ الى ١١١]
أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (١٠٥) قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ (١٠٦) رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ (١٠٧) قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ (١٠٨) إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١٠٩)
فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (١١٠) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ (١١١)
«١» «٢» «٣» «٤» [المؤمنون: ٢٣/ ١٠٥- ١١١].
في مطلع هذه الآيات محذوف تقديره: يقال لأهل النار: ألم تكن آياتي أي آيات القرآن تتلى عليكم في الدنيا، للتذكير والاتعاظ، فتكذبون بها، وتعرضون عنها؟! وهذا استفهام تقرير وتوبيخ لهم. والمعنى: قرّوا بهذا واعترفوا، فهو أمر واضح، لا ينكره أحد.
فكان جوابهم بقولهم: يا ربنا غلب علينا شقاء أنفسنا بشهواتنا وملذاتنا، بحيث صارت مؤدية إلى سوء العاقبة، وأخطأنا طريق الحق والهدى، وكنا من القوم الضالين. ثم تدرّجوا من الإقرار إلى الرغبة والتضرع. فقالوا: يا ربنا أخرجنا من عذاب النار، وردّنا إلى الدنيا، فإن عدنا إلى مثل ما كنا عليه، فنحن ظالمون، نستوجب العقوبة.
فأجيبوا بحسب ما تحتم عليهم من العذاب وبحسب علم عز وجل: امكثوا في النار، خاسئين أذلاء صاغرين، واسكتوا ولا تطلبوا مثل هذا الطلب، فإنه لا رجعة
(٢) انزجروا.
(٣) أي استهزاء.
(٤) أي لأنهم.