سلفا في هذه الدنيا، كل ما يلاقون في عالم الغيبيات، ومصير كل فريق: إما في الجنة وإما في النار.
عمر الدنيا قصير
مهما طال العمر بالإنسان، فإن عمر الإنسان قصير، بل وعمر الدنيا كلها قصير، وذلك رحمة من الله بعباده، لأن الدنيا دار امتحان واختبار، ودار تكليف ومسئولية، والمسؤولية تقتضي التخفيف وعدم الإطالة، فكما زاد العمر ثقلت المسؤولية، فكان من الرحمة أن يقصّر الأجل منعا من تزاحم المسؤوليات وإطالتها، لذلك اقترن الإخبار عن قصر الدنيا بالتذكير بالمسؤولية فيها، وأنها ليست دار العبث واللهو، وإنما هي جسر للآخرة التي يكون فيها الحساب، والمحاسب: هو الله صاحب العزة المطلقة، والملك الحق، وذو السلطان الأكبر، وهو رب العرش الكريم، فكيف يصح لعاقل عبادة غير الله؟ ومن عبد إلها غير الله خاب وخسر، ومن عبد الله وحده لا شريك له فاز ونجا، قال الله تعالى مبينا هذه المعاني والمبادئ:
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١١٢ الى ١١٨]
قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (١١٢) قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ (١١٣) قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١٤) أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ (١١٥) فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (١١٦)
وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (١١٧) وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١١٨)
«١» [المؤمنون: ٢٣/ ١١٢- ١١٨].