جزاء القاذفين في الآخرة
إن الذين يقدحون في أعراض أهل العفة والصون من المؤمنات والمؤمنين يرتكبون جرما عظيما، وإثما كبيرا، يستحقون بموجبه العقاب في الدنيا والآخرة، وجاء الوعيد على ذلك بمناسبة قصة الإفك، وتورط بعض الناس بقذف السيدة عائشة رضي الله عنها، والوعيد لا يقتصر عليها، بل يشمل جميع أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم، غلّظ الله أمر رميهن لمكانهن من الدين، فلعن قاذفهن، ولم يقرن بآخر الآية توبة. وقال جماعة من العلماء: بل هي في شأن عائشة رضي الله عنها إلا أنه يراد بها كل من اتصف بهذه الصفة، قال الله تعالى مبينا خطورة القذف، أي رمي النساء كذبا بالفاحشة:
[سورة النور (٢٤) : الآيات ٢٣ الى ٢٦]
إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٢٣) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (٢٥) الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٢٦)
«١» [النور: ٢٤/ ٢٣- ٢٦].
هذا وعيد شديد من الله تعالى للذين يرمون المحصنات المؤمنات العفيفات، خرج مخرج الغالب، ويشمل أيضا من رمى المحصن المؤمن العفيف.
والمعنى: إن الذين يتهمون النساء الحرائر، العفيفات، البعيدات عن المعاصي والفواحش، النقيات من كل تهمة باطلة، المؤمنات بالله ورسوله، لعنوا في الدنيا والآخرة، أي طردوا من رحمة الله في الآخرة، وعذّبوا في الدنيا بحد القذف، جزاء جرمهم وافترائهم. وهذا دليل على أن القذف من الكبائر.
أخرج الإمام أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:

(١) جزاءهم الثابت لهم.


الصفحة التالية
Icon