لا أسألكم إلا إنفاق المال في سبيل الله، فهذا هو المسؤول، وهو السبيل إلى الرب، والتأويل الأول أظهر.
واستمرّ أيها النبي في التبشير والإنذار، وتوكل على الحي الذي لا يموت، فهو المتكفل بنصرك في كل أمرك، وسبح بحمده، أي قل: سبحان الله وبحمده، أي تنزيهه واجب، وبحمده أقول، وكفى بالله عالما خبيرا بذنوب عباده ومعاصيهم الظاهرة والخفية، يعلم كل شيء منها، وهو محصيها عليهم، ومجازيهم عليها بالخير خيرا، وبالشر شرا.
والله الخبير العليم بكل شيء: هو الذي أوجد أو أبدع السموات السبع والأراضي السبع وما بينهما من المخلوقات، في ستة أيام، بقدرته وسلطانه، ثم استوى الله على العرش أعظم المخلوقات استواء يليق بعظمته وجلاله، فاسأل أيها السامع من هو خبير به، عالم بعظمته، فاتبعه واقتد به، أي اسأل جبريل والعلماء وأهل الكتب المنزلة سابقا.
وأما الكفار: فقابلوا الشكر والتوكل بالكفر والاعتماد على النفس، فإذا طلب منهم السجود لله أو للرحمن وحده، فقالوا سائلين سؤال مغالطة: وما الرحمن؟
استفهام عن مجهول عندهم. فقد كانت قريش لا تعرف هذا الاسم في أسماء الله تبارك وتعالى، وقالت: إن محمدا يأمر بعبادة رحمن اليمامة، أي مسيلمة الكذاب الذي تسمى بالرحمن، فنزل قوله تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ: أنسجد لمن أمرتنا بالسجود له، لمجرد قولك، من غير أن نعرفه، وزادهم هذا الأمر بالسجود نفورا وإعراضا وبعدا عن الحق والصواب.
ولما كان سؤال قريش عن الله تعالى وعن اسمه الآخر الذي هو الرحمن سؤالا عن مجهول، نزلت هذه الآية مصرحة بصفاته تعالى التي تعرّف به، وتوجب الإقرار


الصفحة التالية
Icon