ثم اتّجه فرعون إلى الملاذ الأخير للتّغلب على موسى عليه السّلام: وهو التّهديد باستخدام القوة والقهر، والطّرد أو السجن، فقال لموسى: لئن اتّخذت إلها غيري، لأجعلنك في عداد المسجونين في غياهب السجون، وتبقى فيها حتى تموت، وكان سجن فرعون أشدّ وأسوأ من القتل.
فقال موسى عليه السّلام قولا يناسب التهديد والوعيد: أتفعل هذا وهو السجن، ولو أتيتك بحجة واضحة على صدق دعواي النّبوة؟ وهي المعجزة الخارقة للعادة، الدالة على وجود الله تعالى.
قال فرعون: فأت بهذا الشيء الذي يشهد لك، ويدلّ بوضوح على صدق رسالتك إن كنت صادقا في دعواك ومؤيّدا في قولك.
يلاحظ من هذا الحوار المثير أن هناك بعدا شديدا في وجهات النظر والمواقف بين موسى النّبي، وبين فرعون الحاكم، وليس هناك استعداد لدى فرعون بالاستجابة لهدي النّبوة والرّسالة الإلهية، لأن غرور السلطة والجبروت يحجب فرعون عن التفكير السديد، ويجعله أسير الاعتماد على الحكم الغاشم وادّعاء الألوهية.
- ٣- معجزة موسى عليه السّلام
من المعلوم أن كل نبي يحتاج عادة لبرهان غريب لإثبات صدقه في ادّعائه النّبوة والرّسالة، وذلك يتم بما هو معروف بالمعجزة: وهي الأمر الخارق للعادة، أي بما لا يستطيعه البشر العاديون بحسب المعتاد. وكانت معجزة كل نبي تتناسب مع عصره.
وتفوق مألوفات العصر، فموسى عليه السّلام كانت معجزته العصا واليد التي أحبطت عمل السّحرة، وفاقت السّحر كله، وعيسى عليه السّلام كانت معجزته إبراء


الصفحة التالية
Icon