«٢» «٣» [الشّعراء: ٢٦/ ١٠٥- ١٢٢].
هذه قصة أول رسول بعثه الله إلى النّاس، بعد أن عبدوا الأصنام والأوثان، وهو نوح عليه السّلام الذي مكث يدعو قومه لعبادة الله ألف سنة إلا خمسين، فكذّبه قومه، حيث ذكر الله سبحانه: كذب قوم نوح رسل الله، والمراد نوحا عليه السّلام، لأن من كذّب رسولا واحدا، فقد كذّب جميع الرّسل، وذلك حين قال لهم أخوهم إخاء جنس في الإنسانية والقومية: ألا تخافون الله في عبادتكم غيره؟! ثم وصف نوح عليه السّلام نفسه بصفتين بقوله: إني رسول من الله إليكم، أمين فيما بعثني الله به لكم، فخافوا عذاب الله وانتقامه، وأطيعوني فيما آمركم به من توحيد الله وعبادته وطاعته. ولا أطلب منكم أجرا أو جزاء على نصحي لكم، إن ثوابي على الله ربّ العوالم كلها من إنس وجنّ. فاتّقوا الله باتّباع أوامره واجتناب نواهيه، وكرّر ذلك للتوكيد، لأن التقوى والطاعة أساس الدين، وكلمة جامعة للدّين كله.
فأجابوه مستكبرين بعنصرية وترفّع: كيف نصدّقك، وقد اتّبعك الأراذل السّفلة في المجتمع؟ وكيف نتأسى بهم، فإنهم ضعاف الناس وأدنياؤهم وفقراؤهم، أي هم أهل الصنائع الخسيسة، ونحن السّادة أصحاب النّفوذ والثّراء.
فأجابهم نوح عليه السّلام: لا علم لي بأعمال هؤلاء وصنائعهم، ولا أبحث عن شؤون معيشتهم وأساليب حياتهم، وليس في نظري وعلمي بأعمالهم ومعتقداتهم فائدة، فإنما أتعامل مع ظواهرهم، ويبقى حسابهم على الله تعالى، فإن كنتم ذوي
(٢) السفينة أو السّفن.
(٣) المملوء.