فأجاب الله دعاءه، ونجاه وأهل بيته المؤمنين الصالحين، وكل من آمن برسالته، ليلا، وأنقذهم من العقاب الجماعي الذي أنزله بالقوم، إلا امرأة عجوزا هي امرأته، وكانت عجوز سوء، لم تؤمن بدين لوط، وتدلّ القوم على ضيوفه، بقيت مع القوم، ولم تخرج، فهلكت، كما في آية أخرى: إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ [هود: ١١/ ٨١] لرضاها بسوء أفعالهم، ونقل الأخبار إليهم.
ثم أهلك الله القوم الآخرين الباقين الذين انغمسوا في المنكرات، وكفروا بالله، ولم يؤمنوا برسله. وأمطر الله عليهم حجارة من سجّيل منضود، فبئس هذا المطر مطر المهلكين المنذرين بالهلاك. وكان عقابهم في الجملة زلزالا شديدا، جعل بلادهم عاليها سافلها.
إن في تلك القصة- قصة لوط مع قومه- لعبرة وعظة لكل متأمل، حيث أهلك الله العصاة، وهم أهل اللواط، ولم يكن أكثرهم مؤمنا بالله ورسله، وإن ربّك لهو القوي الغالب القاهر المنتقم من أعدائه، الرحيم بأوليائه المؤمنين أهل التوبة والغفران. فما أشدّ هذا العذاب في الدنيا، ولعذاب الآخرة أشدّ وأبقى.
رسالة شعيب عليه السّلام لأصحاب الأيكة
أصحاب الأيكة، أي غيضة الشجر الملتفّ: هم أهل بلدة قرب مدين، بعث الله إليهم وإلى مدين شعيبا عليه السّلام، ولم يكن أخاهم في النسب، وإنما هو أخوهم من حيث هو رسولهم، وآدمي مثلهم، أي أخوهم في الإنسانية، بعثه الله إليهم بصفة مصلح اجتماعي، لتصحيح أوضاعهم من بخس الكيل والميزان وتطفيفه، والإفساد الشديد في الأرض، فكذّبوه فأهلكهم الله بعذاب يوم الظّلّة، أي سحابة الغضب


الصفحة التالية
Icon