أفّاك، أي كذّاب، آثم، فاجر فاسق، من الكهنة المتنبّئين، وهم الذين كانوا يتلقّون من الشيطان الكلمة الواحدة التي سمعت من السماء، فيخلطون معها مائة كذبة، فإذا صدقت تلك الكلمة، كانت سبب ضلالة لمن سمعها، إن الشياطين يلقون السمع المسموع من الملائكة، ويكذّبون فيما سمعوه، وأكثر الشياطين كاذبون فيما يوحون به إلى الكهنة، لأنهم يسمعونهم ما لم يسمعوا، فتكون أخبار الكهنة مبنية على الإفك والكذب. وهذا يقتضي نفي كلامهم عن كلام الله تعالى، فإن ما يقول الشياطين ليس هو كلام الله سبحانه.
وكذلك الشعراء يبتعد كلامهم عن كلام الله تعالى في القرآن، إذ قال بعض الكفرة في القرآن: إنه شعر مثل شعر الجاهلية.
إن الشعراء هم القادة إلى النار، يتّبعهم الضّالّون من الإنس والجنّ، المنحرفون عن جادة الحقّ والاستقامة، ويأخذ بأقوالهم المستحسنون لأشعارهم، المصاحبون لهم.
ألم تعلم أيها النّبي وكل سامع أن الشعراء يخوضون في كل فنّ من الكلام، ويتناقضون مع أنفسهم، إنهم يمدحون الشيء بعد أن ذمّوه، ويذمّون الشيء بعد أن مدحوه. وأكثر قولهم الكذب، فهم يقولون ما لا يفعلون، ويدّعون ما لم يكن حادثا، ويبالغون في الوصف، ويقولون ما مبعثه محض الخيال، البعيد عن الواقع.
ثم استثنى الله تعالى فئة من الشعراء هم صادقون، لاتّصافهم بصفات أربع وهي:
الإيمان، والعمل الصالح، والذّكر الكثير لله تعالى، والانتصار على الظلم والظالمين، وهؤلاء هم شعراء الإسلام كحسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة.
أما الإيمان: فهو التّصديق بالله ورسوله، وأما العمل الصالح: فهو الجهاد في


الصفحة التالية
Icon