جزاء المؤمن والكافر
العدالة التامة هي ميزان الجزاء الواقع في الآخرة، وهذا مقتضى المنطق وأمل المحرومين والمعذبين والمظلومين في عالم الدنيا، فلا ترتاح النفس ولا تهدأ إلا بإنصاف الخلائق، والشعور بأن هناك ربا عادلا ينصف أهل الحق والعمل الصالح، ويجازي أهل الباطل والضلال والفساد، وهذا المنهج الإلهي هو ما فاضت به دلالات آيات القرآن المجيد في كل مناسبة من مناسبات الترغيب لأهل الإيمان، وترهيب أهل الجحود والعصيان، قال الله تعالى:
[سورة يونس (١٠) : الآيات ٧ الى ١٠]
إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ (٧) أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٩) دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠)
«١» [يونس: ١٠/ ٧- ١٠].
هذه الآيات تقارن بين مصير أهل الجحود والكفر، وأهل التصديق والإيمان، لتحذير الكافرين منكري البعث، وتثبيت المؤمنين، ومعناها ما يأتي: إن الذين لا يتوقعون لقاء الله في الآخرة، ولا يحسنون الظن بذلك، ولا أمل لهم بالنجاة، ولا خوف عندهم من الحساب والعقاب والجزاء على الأعمال، لإنكارهم البعث والمعاد، ورضوا بالحياة الدنيا بدل الآخرة، لغفلتهم عنها، واطمأنوا بها وسكنوا إلى لذائذها فهي آخر همهم ومنتهى غرضهم، وكانوا غافلين عن آيات الله الكونية والشرعية، فلا يتفكرون في الكون ولا يأتمرون بأحكام الشرع، هؤلاء المذكورون مقامهم ومقرهم في نار جهنم، وذلك بسبب كسبهم السيئات واجتراحهم الآثام