يترددون فيه متحيرين، ولا يعجل لهم في الدنيا عذاب الاستئصال تكريما لخاتم النّبيّين محمد صلّى الله عليه وسلّم.
وكذلك اقتضت رحمته تعالى بعباده ألا يستجيب لهم دعاءهم على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم بالشرّ، في حال الضّجر والغضب، لأنه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك.
روى أبو داود والبزار عن جابر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تدعوا على أنفسكم، لا تدعوا على أولادكم، لا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة فيها إجابة، فيستجيب لكم».
ومن عجلة الإنسان أيضا أنه إذا أصابه ضرّ من مرض أو فقر أو خطر، بادر إلى دعاء ربّه بإلحاح في كشف ضرّه وإزالته، حالة كونه مضطجعا على جنبه، أو قاعدا، أو قائما، وفي جميع أحواله، فإذا فرّج الله شدّته وكشف كربته، أعرض ونأى بجانبه، وذهب كأنه ما كان به من ذلك شيء، ومضى في طريقه من الغفلة عن ربّه وفي إشراكه بالله وقلّة توكّله عليه، كأنه لم يدع ربّه إلى شيء، ومثل ذلك العمل القبيح المنكر، أو التّزيين من الله بخلقه الكفر لهم واختراعه في نفوسهم، أو من الشيطان بالوسوسة والمخادعة، مثل ذلك زيّن للمشركين طغاة مكة وغيرهم ما كانوا يعملون من أعمال الشّرك، والإعراض عن القرآن والعبادات، واتّباع الشّهوات.
والضّرّ عند اللّغويين: لفظ عام لجميع الأمراض والرّزايا في النفس والمال والأحبّة، وقيل: هو مختصّ برزايا البدن: الهزال والمرض.
وقوله: مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا وإن نزلت في الكفار، فهي تتناول كل من دخل تحت معناها من كافر أو عاص. والمراد بالإنسان في قوله سبحانه: وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ هو الكافر، لأن العمل المذكور لا يليق بالمسلم. والخلاصة: المراد من الآية النّهي عن العجلة في الدعاء، والأمر بالتسليم إلى الله تعالى، والضّراعة إليه في كل حال.