تدبيرا محكما، وجزاء عدلا على أفعالكم، قبل أن تدبروا مكيدة أو خطة لإطفاء نور الإسلام، وكل آت قريب، إن رسلنا وهم الملائكة الحفظة الكرام يكتبون أو يسجّلون جميع ما تفعلونه وتدبرونه، أو تخطّطون له، ويحصونه عليكم، ثم يعرضونه على الله عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، فيجازي كل واحد على فعله بما يستحق.
مقابلة النّعمة بالجحود
يختلف الناس في تقدير نعمة الله الخالق عليهم، فالمؤمن يشكر الله تعالى على أفضاله ونعمه الكثيرة في الحياة والصحة والرزق والجاه والمال، والكافر أو المشرك يقابل النعمة بالجحود، ويتنكر للمعروف، وينسى ما تفضّل به الله عليه من نجاة بعد خوف، وأمن بعد قلق، وعافية بعد مرض، وغنى بعد فقر، وعزّ بعد ذلّ. والشأن في الإنسان السّوي المنصف أن يقرّ بهذه الأفضال الإلهية، ويشكر المنعم في جميع الأحوال. قال الله تعالى واصفا حال الجاحدين المتنكّرين للجميل والخير:
[سورة يونس (١٠) : الآيات ٢٢ الى ٢٣]
هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٢٢) فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٣)
«١» «٢» »
[يونس: ١٠/ ٢٢- ٢٣].
هذه الآية تتضمن تعداد النّعم على الناس، ثم تزجرهم عن الجحود وتذمّ بغيهم وتجاوزهم الحدود، ومن أعظم النعم تحقيق الأمن بعد الخوف، والنّجاة من المخاطر
(٢) أحدق بهم الهلاك.
(٣) يفسدون ويظلمون
.