هذه التهديدات الثلاثة كفيلة بردع أهل الغواية والشّر والضّلالة والكفر، فإن العاقل يدرك المخاطر، ويتجنّب المآخذ والسّيئات، ويرسم لنفسه طريق النّجاة. ويتفاقم الخطر حين يعلم الإنسان أن العذاب لمن كفر بالله شديد مضاعف في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فذلّ وهزيمة وخزي وقلق، وأما في الآخرة فنيران ملتهبة تحرق الأجساد، ويتجدد العذاب على الدوام من غير انقطاع، لأن الكافرين مخلدون في النار.
استعجال المشركين العذاب الدنيوي
ليس هناك أقبح جرما ولا أشنع موقفا من التّحدي والعناد والتّكبر، وهذا الأسلوب من المعارضة كان منهج المشركين في مقاومة دعوة النّبي صلّى الله عليه وسلّم، فاستعجلوا نزول العذاب الذي هددهم به، استهزاء وإصرارا على الشرك والوثنية، فأمهلهم القرآن وناقش مطالبهم وأنذرهم بقرب العذاب والعقاب. قال الله تعالى واصفا موقف مشركي مكّة:
[سورة يونس (١٠) : الآيات ٤٨ الى ٥٢]
وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٨) قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلاَّ ما شاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (٤٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ماذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (٥٠) أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (٥١) ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٥٢)
«١» «٢» «٣» [يونس: ١٠/ ٤٨- ٥١].
لقد طالب مشركو قريش تحديد وقت العذاب الذي هددهم به النّبي صلّى الله عليه وسلّم، فقالوا:
متى يقع هذا الوعيد، إن كنتم صادقين في تهديدكم وقولكم؟ أي إن هذا الذي توعدنا به حدّد لنا فيه وقته، لنعلم الصدق في ذلك من الكذب.
(٢) ليلا.
(٣) هل الآن تؤمنون بوقوع العذاب؟