«١» «٢» [العنكبوت: ٢٩/ ٥٠- ٥٥].
قالت قريش وبعض اليهود تعنّتا وتعجيزا: هلا أنزل على محمد آية حسّية مادّية، كآيات الأنبياء المتقدّمين، مثل ناقة صالح، وعصا موسى، ومائدة عيسى عليهم السّلام، لإثبات صدقه وأنه رسول الله؟! فأجابهم القرآن الكريم في قوله تعالى آمرا نبيّه عليه الصّلاة والسّلام أن يعلمهم أن هذا الأمر بيد الله تعالى، لا يستنزله الاقتراح والتّمنّي، وأن النّبي بعث نذيرا، ولم يؤمر بغير ذلك، فليقفوا عند حدود الأدب والطاقة.
أو ليس يكفيهم دليلا على صدق نبوّتك يا محمد إنزال القرآن المجيد عليك، والذي هو أعظم الآيات، وهو المعجز للجنّ والإنس، ويتلى عليهم آناء الليل وأطراف النهار، وفيه أخبار الماضين، وعظة اللاحقين، وإنذار الآتين في المستقبل، وفي ذلك الكتاب من الرحمة والذكرى الكافية للمؤمنين.
حكى الطبري وغيره: أن هذه الآية: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ.. نزلت بسبب قوم من المؤمنين أتوا النّبي صلّى الله عليه وسلم بكتب، قد كتبوا فيها بعض ما يقول اليهود الذين أخبروهم بشيء من التوراة، فأنكر رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذلك،
قال: «كفى بهذا ضلالة، قوم رغبوا عما أتاهم به نبيّهم، إلى ما أتى به غيره».
ونزلت الآية بسببه. قال ابن عطية:
والتأويل الأول أجرى مع نسق الآيات، أي إنهم طلبوا آية بحسب مزاجهم، فأجابهم الله بأن القرآن أعظم الآيات.
(٢) يحيط بهم.