الآخر، فعليه وبال كفره وكذبه، وإثمه ووزره، ومن آمن بالله وكتبه ورسله وباليوم الآخر، وعمل صالح الأعمال، فأطاع الله تعالى فيما أمر، وانتهى عما منعه الله عنه، فإنه يعدّ لنفسه المهاد المريح، والمرتع الخصب الفسيح، والمجال المطمئن. وقوله تعالى: فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ أي يوطّئون ويهيئون، وهي استعارة منقولة من الفرش ونحوها إلى الأحوال والمراتب.
وسبب التمييز في الجزاء: جزاء الباغي أو الظالم ببغيه وظلمه، وجزاء المؤمن المستقيم باستقامته، هو أن الله تعالى يريد إحقاق الحق وإقامة العدل، فيجازي المؤمنين الذين يعملون الصالحات تفضلا منه وإحسانا بالنعيم المقيم، وجنان الخلد، وفضل الله شامل، وعطاؤه كبير. وأما الكافرون فإن الله يبغضهم ويعاقبهم، عقاب حق وعدل لا جور فيه، وهذا تهديد ووعيد للكفار. وقوله تعالى: لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ ليس الحب بمعنى الإرادة والعاطفة، ولكن بمعنى: لا يظهر عليهم أمارات رحمته، ولا يرضاه لهم دينا.
إن تقسيم الفريقين إلى طائعين وعصاة يوم القيامة، كان بسبب أعمالهم في الدنيا، والدنيا مزرعة الآخرة، فهنيئا لمن وفق للعمل الصالح، والشقاء كل الشقاء لمن انحرف وجحد.
آيات قدرة الله ووحدانيته
عجبا لأمر الناس مع ربهم، ينعم عليهم بشتى النعم ويخلقهم ويرزقهم، ثم لا يهتدون إليه بمحض عقولهم، وسلامة تفكيرهم، حتى إنه سبحانه احتاج إلى إقناعهم بوجوده ووحدانيته، وأقام الأدلة الكثيرة من المحسوسات المشاهدة على ذلك، مما لا يدع أي مجال للشك في هذا، وما أجمل الآيات القرآنية المسوقة من مشاهد الكون على