افتتحت الآيات الكريمة بأحرف الم (١) للتنبيه إلى خطورة ما يتلى بعدها، ولتحدي العرب بالإتيان بمثل أقصر سورة من القرآن، تجمع بين سمو البلاغة والنظم، وبين جلال المعاني والتوجيهات، وتقترن هذه الأحرف في الأعم الأغلب بالكلام عن القرآن الكريم للربط بين هذه الحروف، وبين مادة القرآن كتاب البشرية جمعاء.
تلك هي آيات القرآن المتميزة بالحكمة التي لا خلل فيها ولا عوج، ولا تتناقض ولا تتعارض مع بعضها، وإنما هي آيات بينات واضحات.
والغاية من تنزيل القرآن الكريم: هي أنه هداية للطريق الأقوم الصحيح، وإنقاذ من الجهالة والضلالة، وإسعاد للبشرية، ورحمة واضحة للذين أحسنوا العمل، وأتقنوا الفعل، واتبعوا الشريعة، وأقاموا فريضة الصلاة في أوقاتها وكيفياتها المشروعة دون زيادة أو نقص، وآمنوا بالآخرة وما فيها من حساب وجزاء عدل، ورغبوا إلى الله في الثواب، بقصد ابتغاء مرضاة الله تعالى.
هؤلاء المؤمنون الذين أصلحوا العقيدة والعمل: هم وحدهم لا غيرهم أهل الهداية والفلاح من ربهم، وأهل النجاة والفوز في الدنيا والآخرة.
إن الله تعالى وصف المؤمنين بصفة المحسنين، لأنهم أيقنوا بالبعث واليوم الآخر، وآمنوا بما جاء به الرسول صلّى الله عليه وسلم، وأقاموا الصلاة بخشوع، تامة الأركان والشرائط، وأدّوا الزكاة الفريضة الاجتماعية التي تسهم في تخفيف ويلات الفقر والحرمان، وهذا منهاج يجمع بين العبادة البدنية لإرضاء الله كما يريد في الصلاة المشروعة، وبين العبادة المالية، لسد حاجات المحتاجين، وإنقاذ الفقراء والمساكين. ومن أوصافهم: الإخلاص وعبادة الله تعالى، كما
جاء في قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين سأله