واذكروا حين قال المنافقون وضعفاء الإيمان لحداثة عهدهم بالإسلام ما وعدنا الله ورسوله من النصر على العدو إلا خداعا ووعدا باطلا زائفا، لا حقيقة له.
والقائل: جماعة من اليهود والمنافقين نحو سبعين رجلا.
واذكروا أيضا حين قالت طائفة من المنافقين: يا أهل المدينة، لا مجال لإقامتكم مع محمد وعسكره، ولا قرار لكم هنا، فارجعوا إلى بيوتكم في المدينة، لتسلموا من القتل والاستئصال.
ويطلب في هذه الحال الرهيبة فريق من المنافقين الإذن في العودة إلى بيوتهم في المدينة، قائلين: إن بيوتنا ليست محصّنة، وهذا كذب وليست كذلك، بل هي حصينة خلافا لما يزعمون، وإنما قصدهم الهرب والفرار.
والواقع أنهم ضعاف الإيمان، فلو دخل عليهم الأعداء من جوانب المدينة، واشتد الخوف الحقيقي، ثم طلب منهم العودة صراحة إلى الكفر، لفعلوا ذلك سريعا.
ولم يمكثوا للجهاد إلا زمنا يسيرا، ممتلئا بالخوف والذعر. وقوله: ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ أي محاربة محمد صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه. والأقطار: النواحي.
ولقد كان هؤلاء المنافقون، وهم بنو حارثة، عاهدوا الله يوم أحد قبل هذه المخاوف ألّا يولوا الأدبار، وألا يفروا من الزحف، ولكن الله يسألهم عن ذلك العهد والوفاء به يوم القيامة، ويجازيهم على نقضه. وقوله تعالى: وَكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُلًا معناه مطلوبا مقتضى، حتى يوفى به، وفيه توعد لقريش وأنصارهم.
إن هذا الوصف لأحوال التجمع القرشي حول المدينة، يقتضي تذكر الأهوال وإدراك المخاطر، ثم المبادرة إلى الشكر وحمد الله على نعمته وفضله، إذ نجى الله المؤمنين، وهزم الكافرين الأحزاب وحده تعالى.