في الظاهر مع المسلمين، وكان ذلك الإحباط أو الإبطال لثمرة الأعمال سهلا هينا عند الله تعالى، بمقتضى عدله وحكمته.
وهذه الصفات القبيحة ملازمة لهم، فهم يظنون من شدة الخوف والفزع الذي ملأ قلوبهم أن أحزاب الكفر من قريش وغطفان وبني قريظة، لم يرحلوا عن المدينة، ولم ينهزموا، وأنهم عائدون إلى الحصار. وإذا استعد الأحزاب لقتال المؤمنين، تمنوا ألا يكونوا حاضرين معهم في المدينة وبين المقاتلين الصامدين، بل يكونون في البادية، يترقبون الهزيمة للمؤمنين، ويسألون عن أخبارهم وما كان من أمرهم مع العدو، شماتة بهم، وانتظارا لإيقاع الشر والسوء بهم، وجبنا وخوفا شديدا، وغرضهم من البداوة: أن يكونوا سالمين من القتال، ولو كانوا موجودين مع المؤمنين في ساحة المعركة ما قاتلوا إلا قتالا يسيرا، لجبنهم وخوفهم، وهذا إيناس للنبي، وتحقير لشأن المنافقين.
غزوة الخندق- ٣- حال المؤمنين في القتال وغيره
كان أهل الإيمان الحق مثلا أعلى في الشجاعة والبطولة والصبر على لقاء الأعداء، والصدق في المواقف كلها، والتأسي التام بالنبي صلّى الله عليه وسلّم القدوة الحسنة، ولم تكن الأحداث تزيدهم إلا صلابة في الموقف وإصرارا على تحدي الأعداء، فاستحقوا أفضل الجزاء في الدار الآخرة، كما استحق المنافقون العذاب، والمشركون الهزيمة المنكرة والخيبة والفشل، وقد سجل القرآن العظيم هذه الأحوال المتباينة، وذلك في الآيات الآتية: