ولما نزلت هذه الآية، بدأ النبي صلّى الله عليه وسلّم بعائشة فقال: «إني ذاكر لك أمرا، ولا عليك ألا تعجلي حتى تستأمري أبويك» ثم تلا الآية، فقالت له: وفي هذا أستأمر أبويّ؟
فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة. قالت: «وقد علم أن أبويّ لا يأمراني بفراقه»
ثم تتابع أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم على مثل قول عائشة رضي الله عنها، فاخترن الله ورسوله.
وهذا ثابت في الحديث عند البخاري، ومسلم، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في سننه عن عائشة رضي الله عنها، والرواية على لسانها.
إن هذا الاختيار الموفق من نساء النبي دليل واضح على كمالهن وفضلهن وعلو درجتهن، وعلى مدى تأثير الإسلام العظيم في صوغهن على مراد الله تعالى.
خصوصيات آل البيت النبوي
كان لآل بيت النبوة خصوصيات ومزايا، أولها- كما في الآية السابقة: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ (وهي من الجزء ٢٢) : مضاعفة الثواب والعقاب، والثانية- الامتياز على سائر النساء بشرط التقوى، والثالثة- الحزم في القول والكلام، والرابعة- القرار في البيوت والنهي عن التبرج، والخامسة- استدامة الطاعة بأداء الصلاة وإيتاء الزكاة وإطاعة الله والرسول، والسادسة- التطهير من الآثام، والسابعة- السمعة الطيبة، والثامنة- تعليم القرآن والسنة.
وفيما عدا هذه الخصوصيات سوّى الله تعالى بين النساء والرجال في ثواب الأعمال والمغفرة. وهذا ما أبانته الآيات التالية:
[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ٣٢ الى ٣٥]
يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٣٢) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (٣٣) وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً (٣٤) إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (٣٥)


الصفحة التالية
Icon