لهذا امتثلت زينب بنت جحش بنت أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله أمر النبي لها بزواجها من زيد بن حارثة الذي كان عتيق النبي ومتبناة في مبدأ أمر الإسلام، فكان يدعى زيد بن محمد، حتى أبطل الله التبني بآية: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ فصار يدعى: زيد بن حارثة.
واذكر أيها النبي حين قلت لزيد الذي أنعم الله عليه بالإسلام، وأنعمت عليه بالإعتاق والحرية والتربية: حافظ على زواجك بزينب، واصبر على طبعها، واتق الله في شأنها، ولا تطلقها لتعاليها وأنها من علية قريش، وتخفي أيها الرسول في نفسك ما الله مظهره من الحكم الإلهي: وهو علمك بطلاق زيد لها في المستقبل وتزوجك بها، لإعلام الله لك بذلك، وتحذر انتقاد الناس، والله أولى بأن تحذره أو تخشاه، وتلزم أمره وتمتثل حكمه.
فلما طلّقها زيد، وانتهت حاجته منها ورغبته بها، وانقضت عدتها، أمرك الله تعالى بتزوجها، لرفع الحرج عن المسلمين في التزوج بأزواج أدعيائهم الذين تبنوهم، وليبين الله أن رابطة التبني ليست كحرمة النبوة، فتزوجها النبي ودخل بها، بعد أن أمر النبي زيدا بخطبتها له، فاستخارت الله تعالى وقبلت، ونزل القرآن في قصتها، وكان إنفاذ أمر الله وقدره كائنا لا محالة.
وقوله تعالى: وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا فيه حذف مضاف تقديره: وكان حكم أمر الله. قالت زينب: أنا التي زوجني الله من فوق سبع سموات.
ولم يكن على النبي حرج أو مشقة أو عيب فيما أحل الله له وقدّره، فذلك حكم الله وقانونه في الأنبياء قبله، لم يكن الله ليجعل عليهم ضيقا وإحراجا، وكان أمر الله الذي قدّره مقدرا في الوقت المناسب له، وواقعا لا محيد عنه. وهذا رد على