يكرهه، فتكونوا كالذين آذوا موسى، وهم قوم من بني إسرائيل، فبرأه الله من اتهامهم الباطل، وكان موسى عليه السلام وجيها عند الله، أي مكرم الوجه.
وإيذاء موسى: هو ما تضمنه
حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم المشهور، الذي أخرجه البخاري، ومسلم بمعناه، قال: «كان بنو إسرائيل يغتسلون عراة، وكان موسى عليه السلام يتستر كثيرا، ويخفي بدنه، فقال قوم: هو آدر (منتفخ الخصية) أو أبرص (والبرص:
بياض يظهر في الجسد لعلّة) أو به آفة (والآفة: كل ما يصيب شيئا فيفسده، من عاهة أو مرض أو قحط) فاغتسل موسى يوما وحده، وجعل ثيابه على حجر، ففرّ الحجر بثيابه واتّبعه موسى يقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر (أي اترك ثوبي يا حجر) فمرّ في أتباعه في ملأ من بني إسرائيل فرأوه سليما مما ظنّ به». فبرأه الله مما قالوا.
هذا هو التوجيه الأول: وهو نهي المؤمنين عن إيذاء الرسول، والتوجيه الثاني هو: الأمر بالتقوى، فيا أيها المؤمنون بالله ورسوله، اتقوا الله في كل الأمور باجتناب معاصيه، والتزام أوامره، وقولوا القول السديد، أي الصواب والحق في كل أموركم، فإذا فعلتم ذلك أصلح الله لكم أعمالكم، وهو قبولها وإثابتكم بالجنة دار الخلود، وغفر لكم ذنوبكم الماضية. وهذا وعد من الله تعالى بأنه يجازي على القول السّداد، بإصلاح الأعمال، وغفران الذنوب، ثم حرّض الله تعالى على الطاعة، فمن يطع أوامر الله والرسول، ويجتنب النواهي، فقد نجا من النار، وفاز أعظم فوز بالجنة.
ومما لا شك فيه أن المسؤولية عن التكاليف حساسة وخطيرة وثقيلة، فقد عرض الله الأمانة، أي التكاليف الإلهية كلها من فرائض وطاعات ومنهيات على أرجاء السماوات والأرض، فأعرضت عن حمل مسئوليتها، خوفا من حملها، وتحملها الإنسان مع ضعفه، ولكنه لم يقدّر ذلك الحمل، فكان ظلوما لنفسه، جهولا بقدر ما