٣- وإنجاؤه مع المؤمنين برسالته، وإغراق كفار قومه بالطوفان وإهلاكهم، وهذا يقتضي أنه تعالى أغرق قوم نوح وأمّته ومكذبيه، وليس في الآيات نص على أن الغرق عم جميع أهل الأرض، لكن قد قال به جماعة من العلماء، وأسندت به أحاديث أنه لم يبق إلا من كان معه من السفينة، وعلى هذا، يكون الناس اليوم من ذريته ومن المعلوم، لم يكن الناس في عهد نوح بهذه الكثرة، لأن عهد آدم عليه السّلام كان قريبا، وكانت دعوة نوح عليه السّلام ونبوته قد بلغت جميعهم، لطول المدة واللّبث فيهم، وكان الجميع كفرة عبدة أوثان، لم ينسبهم الحق إلى نفسه، فلذلك أغرق جميعهم.
إن من مقتضيات الإيمان الصحيح بالله تعالى الإنجاء من المهالك والإسعاد في الدنيا والآخرة، وبقاء الأثر والسمعة الطيبة والذّكر الجميل إلى آخر الدهر.
وعلى عكس ذلك إن من مقتضيات الكفر بالله تعالى: الإيقاع في أنواع العذاب الأليم، والشقاء في الدنيا والآخرة، وسوء السمعة ومحل العظة والعبرة، والسعيد:
من اتعظ بغيره، والشقي: من كان عبرة وأثرا يذكر لغيره.
تحطيم إبراهيم عليه السّلام الأصنام
على الرغم من تطهير البشرية من لوثات الشرك والوثنية بإغراق الكافرين في طوفان نوح، وإنجاء المؤمنين، فقد ظهرت نزعة الشر في بعض ذرية نوح عليه السّلام، فأرسل الله تعالى إليهم إبراهيم الخليل عليه السّلام أبا الأنبياء وإمام الحنفاء، وسار على منهاج نوح في الدين والدعوة إلى توحيد الله تعالى، فكان الإعراض من قومه عن دعوته، وآل مصيرهم كقوم نوح إلى أن غلبوا وذلّوا ونالتهم العقوبات الشديدة، ونجى الله تعالى إبراهيم عليه السّلام من النار التي ألقي فيها،


الصفحة التالية
Icon