التي كانت كافرة، صارت هالكة باقية في العذاب، ولرضاها بفعل القوم، وتواطئها معهم على كل من يأتي إلى لوط عليه السّلام. وكفر امرأة لوط: إما أنها كانت مستترة منه، وإما كانت معلنة، وكان نكاح الوثنيات والإقامة عليهن جائزا.
والغابرون: الباقون، وغبر بمعنى بقي، ومعناه هنا: بقيت في الهلاك.
ثم أهلك الله قوم لوط الذين كذبوا برسالته، وهم أهل الفاحشة الشنيعة (اللواط). ثم خاطب الله تعالى قريشا بما معناه:
قل لهم يا محمد وإنكم يا أهل مكة لتمرون على منازل قوم لوط التي فيها آثار العذاب وقت الصباح، أي بالنهار ذهابا إلى الشام، وفي الليل أثناء رجوعكم من الشام، أفلا تتدبرون بعقل واع، وتتعظون بما تشاهدونه في ديارهم من آثار التدمير، وعقوبة الله النازلة بهم، فتخافوا من أن يحل بكم نفس العذاب، وتصيروا مثلهم في مصيرهم المشؤوم، لمخالفتهم رسولهم وتكذيبهم به. وهذا توبيخ لمشركي قريش وأمثالهم.
وأشار الله تعالى إلى الصباح والليل، لأن أكثر مشي المسافر على الدواب في الليل وأوائل النهار.
ثم ذكر الله قصة نبي آخر، وهو يونس بن متّى، الذي كان من أنبياء بني إسرائيل، أرسله الله تعالى إلى قومه أهل نينوى بالموصل، ومضمون قصته: واذكر أيها النبي محمد حين هرب يونس من قومه، مغاضبا قومه، إلى سفينة مملوءة بالحمولة، بغير إذن ربه، فتعرضت السفينة للغرق، فاقترع الركاب فيما بينهم تخفيفا من الحمولة الثقيلة على إلقاء بعضهم في البحر، فأصابت القرعة ثلاث مرات يونس عليه السّلام، فألقوه في البحر، والفلك المشحون مفرد أو جمع: السفينة الموقرة.
فابتلعه الحوت الذي كان بجوار السفينة على الفور، وهو الذي أتى ما يلام عليه،