ويهمله ويعرض عنه وقت الرخاء، أما المؤمن فمنهاجه سواء، إن أصابه سراء ونعمة شكر، وإن تعرض لضراء ونقمة صبر، فكان خيرا له في كلا الحالين، مما يدل على ثبات إيمانه، وصلابة يقينه وتمسّكه بالمبدأ الذي لا يحيد عنه. قال الله تعالى واصفا الإنسان:
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٨ الى ٩]
وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ (٨) أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (٩)
«١» «٢» «٣» «٤» [الزمر: ٣٩/ ٨- ٩].
هذه موازنة واضحة بين الكافر والمؤمن في وقت الرخاء والشدة، أما الكافر فهو متناقض مضطرب، إذا أصابته شدة من مرض أو فقر أو خوف، تضرع إلى ربه، تائبا إليه، مستغيثا به لتفريج كربه، ثم إذا أنعم الله عليه بنعمة أو خير، وصار في حال رخاء، نسي دعاء الله في حال الضرر، أو نسي الله سبحانه وتعالى مطلقا، ورجع إلى كفره، وجعل الشركاء والنظراء أو الأمثال من الأصنام وغيرها شركاء لله، يعبدها، ليؤول أمره إلى الوقوع في دائرة الضلال، وإضلال غيره عن جادة الحق، وطريق الإسلام والتوحيد.
والإنسان في هذه الآية: يراد به الكافر، بدلالة ما وصفه به آخرا من اتخاذ الأنداد لله تعالى، ولقوله سبحانه موبخا ومهددا إياه: تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ. وتخويل النعمة: إما في كشف الضر المذكور، أو يريد أي نعمة كانت، واللفظ يشمل الأمرين.
ثم أمر الله تعالى نبيه أن يقول للكفار- على سبيل التهديد- قولا، يخاطب به
(٢) خوله: ملّكه وحكمه فيها ابتداء منه، لا مجازاة.
(٣) الأنداد:
الأمثال التي تضادّ وتزاحم ويعارض بعضها بعضا.
(٤) الأظهر أن الألف في (أمّن) ألف تقرير واستفهام.