«١» [الزمر: ٣٩/ ٢١- ٢٦].
المعنى: ألم تشاهد أيها النبي وكل بشر أن الله أنزل من السحاب مطرا، فأدخله وأسكنه في الأرض، ثم أخرج منها عيونا متدفقة بالماء، ثم تسقى به الأرض، فيخرج بذلك الماء من الأرض زرعا مختلفا أنواعه، من الحنطة والشعير والحبوب الأخرى والخضروات وغيرها، ثم ييبس ويجف، فتراه مصفرا بعد خضرته، ثم يتكسر ويتهشم، إن في ذلك المذكور من إنزال المطر وإخراج الزرع به موعظة ينتفع بها أهل العقول الصحيحة.
هذا مثال لحال الدنيا الفانية، متاعها زائل، وبهجتها ذاهبة، وكل مفكر تفكيرا صحيحا يدرك أن سرعة زوال الدنيا يدل على قصر عمر الإنسان، وأنه مهما طال، لا بد له من الانتهاء، كما جاء في آية أخرى: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [القصص: ٢٨/ ٨٨].
ولا يكون الانتفاع بهذه المواعظ إلا إذا شرح الله الصدور للإسلام، ونوّر القلوب بالإيمان، ولا يستوي هذا ومن حجب قلبه عن الأنوار الإلهية. أفمن وسّع الله صدره، فقبله واهتدى بهدية، فأصبح مستنير القلب بنور الله، وهو نور المعرفة، والاهتداء إلى الحق، كمن قسا قلبه لسوء اختياره وغفلته وجهالته؟! أي لا يستوي المهتدي للإسلام والحق، ومن هو قاسي القلب، البعيد عن الحق، فالعذاب الشديد لمن تحجرت قلوبهم عند سماع ذكر الله، ولم تخشع لصوت الحق الإلهي، أولئك قساة