وثواب هؤلاء الصادقين المصدقين: أن لهم ما يطلبون عند ربهم في جنان الخلد، من رفع الدرجات، ودفع الضرر، وتكفير السيئات، وذلك جزاء الذين أحسنوا في أعمالهم.
قال على بن أبي طالب رضي الله عنه وجماعة: الذي جاء بالصدق هو محمد صلّى الله عليه وسلّم، والذي صدّق به: هو أبو بكر رضي الله عنه.
وقال قتادة وابن زيد، الذي جاء بالصدق: هو محمد صلّى الله عليه وسلّم، والذي صدّق به هم المؤمنون. وقال مجاهد: هم أهل القرآن.
وعلة هذا الجزاء: تكفير السيئات، والمجازاة بأحسن أفعالهم، أي وعدهم الله تعالى بالجنان ونعمها من أجل تكفير سيئ عملهم، وإثابتهم بمحاسن أعمالهم، وإذا غفر الله لهم أسوأ أعمالهم، غفر لهم ما دونه بطريق أولى. والحسن الذي يعملونه:
هو الأحسن عند الله تعالى.
وكذلك يكفي الله المؤمنين في الدنيا ما أهمهم، ويمنع عنهم ما يخيفهم، أليس الله يكفي من عبده وتوكل عليه؟ فيدفع عنه الويلات والمصائب، ويحقق له جميع رغائبه.
والمراد بعبده: النبي صلّى الله عليه وسلّم وجميع عباد الله. وهذا تقوية لنفس النبي صلّى الله عليه وسلّم، لأن كفار قريش كانوا خوّفوه من الأصنام، وقالوا: أنت تسبّها وتخاف أن تصيبك بجنون أو علة، فنزلت الآية في ذلك. أي إن المشركين يخوّفونك أيها النبي بالذي يعبدون من دون الله.
وروي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث خالد بن الوليد إلى كسر صنم العزّى، فقال سادنها «١» : يا خالد، إني أخاف عليك منها، فلها قوّة لا يقوم لها شيء، فأخذ خالد الفأس، فهشم به وجهها وانصرف «٢».
ثم قرر الله تعالى: أن الهداية والإضلال من عنده بالخلق والاختراع، وأن ما أراد

(١) خادمها والقائم على حمايتها.
(٢) أخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن جرير عن قتادة.


الصفحة التالية
Icon