فالذين أقروا بربوبية الله تعالى وتوحيده، وأنه الإله الواحد الذي لا شريك له، وواظبوا على مقتضى التوحيد، واستقاموا وثبتوا على أمر الله تعالى، فأطاعوه وتجنبوا معاصيه، حتى ماتوا، تنزل عليهم الملائكة تبشرهم بالنجاة في أماكن ثلاثة: عند الموت، وفي القبر، وعند البعث، وتزيل مخاوفهم من أمور الآخرة، وتذهب عنهم الحزن عما فاتهم من أمور الدنيا من خيرات الأهل والأموال والأولاد، وتبشرهم بجنان الخلد التي وعدوا بها في الدنيا، على ألسنة الرسل، فإنهم واصلون إليها، خالدون في نعيمها، وأول درجات الاستقامة: أمن الخلود في النار بالنطق بالشهادتين،
أخرج الإمام أحمد وأبو داود والحاكم عن معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله دخل الجنة».
وطريق الاستقامة: أداء الطاعات، واجتناب المعاصي، تلا عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذه الآية وهو على المنبر، ثم قال: استقاموا- والله- لله تعالى بطاعته، ولم يروغوا روغان الثعالب.
وقال سفيان بن عبد الله الثقفي- فيما رواه أحمد ومسلم والبخاري في تاريخه وغيرهم-: قلت للنبي صلّى الله عليه وسلّم: أخبرني بأمر أعتصم به، فقال: قل: ربي الله، ثم استقم، قلت: ما أخوف ما تخاف علي؟ فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بلسان نفسه، وقال: هذا. أي اللسان، فهو أخوف شيء على الإنسان، يورده المخاطر والمزالق، ويردي به إلى النار.
وتقول الملائكة للمؤمنين: نحن المتولون لحفظكم ومعونتكم في أمور الدنيا والآخرة، نؤنسكم من وحشة القبور، وعند نفخة الصور، ونؤمّنكم يوم البعث والنشور، ونجاوز بكم الصراط المستقيم، الذي هو جسر دقيق بين الجنة والنار، ونوصلكم إلى جنات النعيم. قال السدي: معنى الآية: نحن- أي الملائكة- حفظتكم في الدنيا، وأولياؤكم في الآخرة.


الصفحة التالية
Icon