الأمر بالاستقامة على الدين الواحد
بعد أن أبان الله تعالى مبدأ وحدة الدين الحق، وأسباب البعد عنه، أمر الله نبيه بالدعوة إلى مبدأ التوحيد، ووحدة الرسالات الإلهية، فليس الدين ملكا لأحد، وإنما واضع الدين هو الله جل جلاله، وقد ارتضى لعباده ما اتفقت عليه الرسل الكرام، بدءا من آدم عليه السّلام، إلى خاتم النبيين محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه، مما يوجب الإيمان بما أنزل الله تعالى من الكتب كلها، لأنها مبشّرات بالخير والسعادة، قائمة على الحق والعدل والميزان، كما قال الله تعالى:
آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ [البقرة: ٢/ ٢٨٥].
ودعوة الإسلام على هذا النحو: فيها الخير للبشرية كلها، قال الله تعالى مبينا أصول هذه الدعوة:
[سورة الشورى (٤٢) : الآيات ١٥ الى ١٩]
فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (١٥) وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (١٦) اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (١٧) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (١٨) اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (١٩)
«١» [الشورى:
٤٢/ ١٥- ١٩].